منتديات باب الحرية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احلى منتدى


    الذنوب والكوارث

    avatar
    عبقور


    عدد المساهمات : 22
    نقاط : 19276
    تاريخ التسجيل : 21/02/2011

    الذنوب والكوارث  Empty الذنوب والكوارث

    مُساهمة  عبقور الإثنين فبراير 21, 2011 7:25 am

    الذنوب والكوارث
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله عز فارتفع ، وذل كل شيء لعظمته وخضع ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، خلق الخلائق فأتقن ما صنع ، وشرع الشرائع فأحكم ما شرع ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله ، أقام صرح العلم ورفع ، ودفع أسباب الجهل ووضع ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل التقى والحياء والزهد والورع ، ومن سار على نهجهم واتبع ، وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، فتقواه توصد أبواب البلايا ، وتغلق منافذ الدنايا ، وتحسن ختام المنايا ، قال باسط اليدين بالعطايا : { لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } .
    أيها المسلمون : لقد كانت الأمة الإسلامية ، أمة مرضية ، شامخة أبية ، متمسكة بكتاب ربها ، عاملة بسنة نبيها ، صحيحة في عقائدها ، صالحة في أعمالها ، حسنة في معاملاتها ، كريمة في أخلاقها ، عزيزة بدينها ، قوية الشوكة ، جليلة مهيبة ، واليوم ، اليوم يا عباد الله ، تغير أمرها ، وتبدل حالها ، واختلت عقائدها ، وفسد كثير من أعمالها ، وتدهورت أخلاقها ، وجهلت أمر دينها ، مغلوبة على أمرها ، بسبب ابتعادها عن دينها ، اهتمت بدنياها ، ونسيت أُخراها ، فتأخرت وتدهورت ، وغُلبت وانهزمت ، تتخبط في ظلمات الجهل ، تنقاد للخرافات والأوهام ، وأضغاث الأحلام ، فانساقت وراء ترهات العقول ، وكاذب النقول ، وزخرف القول ، لقد عوقبت الأمة بشر أعمالها ، فذاقت وبال أمرها ، كل ذلك يا عباد الله ، نتيجة حتمية ، وحقيقة واقعية ، لعدم استقامتنا على ديننا ، وانحرافنا عن صراط ربنا ، فتعالت الصيحات ، وارتفعت الصرخات ، لكثير من الأمراض والأسقام ، والتعديات على الأحكام ، تجرعنا غصص الإعراض ، أموراً مهلكة ، وآثاراً مدمرة ، فرحماك ربنا رحماك ، قال ربنا جل في علاه : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً } .
    عباد الله : ما أحلم الله على عباده ، ما أعظم صبر الله ، ما أطول إمهال الله ، الله يمهل ولا يهمل ، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم ، وابتداء الإثم ، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبداً ، عدلاً منه وقسطاً ، ولكنه غفور رحيم ، رؤوف كريم ، قال العزيز العليم : { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } ، ألا وإن المتأمل في واقع كثير من الناس اليوم ، ليجد عجباً ، ويهلك كمداً ، ابتعاد عن دين الله القويم ، وانحراف عن صراطه المستقيم ، وقوع في فخاخ قنوات مميتة ، وبرامج مقيتة ، قنوات تدعوا إلى الرذيلة ، وتقتل الفضيلة ، اختلاط بين الفتيان والفتيات ، في مشاهد مؤلمة ، يُخدش فيها الحياء ،
    وتغضب رب الأرض والسماء ، حتى قلد الأبناء والبنات ما شاهدوا ، وتقمصوا ما رأوا وأبصروا ، فحصلت الخلوات المحرمة ، والعلاقات المجرمة ، في غفلة من الآباء والأمهات ، فحصلت فتن ومواجع ، تقض المضاجع ، أدى إلى فساد في الأرض ، عصيان وزلل ، فساد وخلل ، لا ينجو منه إلا من أرد النجاة ، وزهد في هذه الحياة ، واستعد للقاء الله ، ألا فاتقوا الله أيها الناس ، وقوموا بما أوجب الله عليكم من أداء الأمانات ، والاضطلاع بالمسؤوليات ، فارعوا أبناءكم وبناتكم ، وأدوا أماناتكم ، فقد أمركم بذلك مولاكم ، فقال ربكم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .
    معاشر المسلمين : تجتاح الأرض اليوم أحوال جوية غريبة ، وأجواء طبيعية عجيبة ، زلازل تكثر ، وأعاصير تنتشر ، وبراكين تدمر ، وذلك دليل وجود فواحش عظيمة ، ومعاص جسيمة ، ذنوب عظام ، وجرائم وآثام ، مسلسلات هابطة ، وبرامج ساقطة ، سماع للموسيقى والأغاني ، وقع فيها القاصي والداني ، ومشاهد سخيفة ، يختلط فيها الشباب بالشابات ، في موقع واحد ، تحت سقف واحد ، يشاهدهم الملايين ، مناظر يغتال فيها الدين ! ومما يؤسف له تجرأ بعض المسلمين على شرب الخمور بأنواعها ، والمخدرات بأشكالها ، والتشبه بالكفار ، وبزي الفجار ، ألا يخافون من الله الجبار القهار ، إنها نذر لوقوع العذاب والنكال ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " دخلت على عائشة رضي الله عنها أنا ورجل آخر ، فقال لها الرجل : يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة ، فقالت : إذا استباحوا الزنا ، وشربوا الخمر ، وضربوا بالمآذن ، غار الله جل وعلا في سمائه ، فقال للأرض : تزلزلي بهم ، فإن تابوا ونزعوا ، وإلا هدمها عليهم " ، ألا فاتقوا الله عباد الله ، واحذروا غيرة الله ، وإياكم وغضب الله ، فإن ما طالعتنا به وسائل الإعلام ، من وقوع زلازل وبراكين ، وخسف وهلاك ، لهو أمر عظيم وكبير ، آيات يخوف الله بها عباده ، يا عباد فاتقون ، قال تعالى : { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } وقال تعالى : { وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } .
    عباد الله : تالله وبالله لسنا بأكرم عند الله من صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد تزلزلت بهم الأرض في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فلا غروا أن نرى ونشاهد وقوع الزلازل والبراكين ، إذا عُصي رب العالمين ، فالمعاصي يا عباد الله تقلب الموازين ، وتغير الأوضاع ، وتبدل الطباع ، الناس اليوم ينتظرون المطر والماء ، والقطر من السماء ، وإذا به هجير وغبار ، ومناخ سيء وعثار ، رياح عاتية ، وأتربة آتية ، فلماذا هذا يا عباد الله ؟ إنه كما قال الله جل شأنه : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، وقال عز اسمه : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } ، فلولا لطف الله ورحمته ، وعفوه ومغفرته ، لحصل بالناس شديدَ البلاء ، وعظيمَ الداء ، فإن سألتم عن سبب هذه الكوارث ، وتلكم المصائب ، فالجواب من الله لكم : { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } .
    أيها المسلمون : إن هذه الأرض التي نعيش عليها من نعم الله الكبرى ، فإن الله سبحانه وتعالى قد مكننا من هذه الأرض ، نعيش على ظهرها ، وندفن موتانا في باطنها ، قال الله تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَاء وَأَمْوٰتاً } ، وقال تعالى : { مِنْهَا خَلَقْنَـٰكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } ، وقال جل جلاله : { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ } ، ألا وإن من رحمته سبحانه ، أنه جعل الأرض ثابتة مستقرة ، لا تتحرك ولا تضطرب ، وأرساها بالجبال وثبتها ، حتى يتمكن العباد من البناء عليها ، والعيش على ظهرها ، والأكل من مخرجاتها ، ألا لا تغفلوا عباد الله ، أن الله القويُ المتين ، ربما جعل هذه الأرض جنداً من جنوده ، فتتحرك وتميد ، وربما تُهلك وتُبيد ، وتحصل الزلازل المدمرة ، والبراكين المهلكة ، تخويفاً للعباد ، وتـأديباً لقوم آخرين : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } ، فندرك نحن المسلمين أن هذه الزلازل ، إنما هي عقوبات ربانية ، ونذر إلهية ، لما يرتكبه العباد من الكفر والفسوق والعصيان ، وأما ما يقوله بعض المتحذلقين من الجغرافيين والعلمانيين ، بأن هذه الزلازل ظواهر طبيعية ، لها أسباب معروفة ، لا علاقة لها بأفعال الناس ومعاصيهم ، ما ذلكم الكلام إلا باطل من القول وزوراً ، ليوهموا الناس بالاستمرار في المعاصي والذنوب ، ليحيق بهم مكر الله ، قال تعالى : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } .اللهم احفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين ، يا رب العالمين ، أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروا ربكم إنه كان غفاراً .
    الحمد لله الكبير المتعال ، أحمده على كل حال ، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الفضل والنوال ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله عظيم الخلال والخصال ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله خير صحب وآل ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل .
    عباد الله : إن الكتاب والسنة يدلان على أن هذه الزلازل كغيرها من الكوارث ، إنما تصيب العباد بسبب ذنوبهم ، وكونها تقع لأسباب معروفة ، فهذا لا يخرجها عن كونها مقدرة من الله سبحانه على العباد ، إذا طغوا وبغوا ، وأذنبوا وعصوا ، قال الله عز وجل : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ، إنها الحقيقة الصارخة : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } ، فتلكم هي الذنوب ، وتلكم عواقبها ، وما هي من الظالمين من أمثالنا ببعيد ، ألا وإن هذه الزلازل دليل على اقتراب يوم القيامة ، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ ، حَتَّى َتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ " .
    وختاماً عباد الله : فإن سبيلَ النجاةِ والمخرَجَ منَ الكروبِ والفِتن والشِدّة ، اللّجوء إلى الله تعالى وحدَه ، والفزعَ إليه ، والدعاء والتضرعَ له بالصلاة ، قال تعالى : { فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاء " [ رواه ابن ماجة وحسنه العراقي والألباني ] ، ودعوةُ المضطرِّ مجابَةٌ ، قال تعالى : { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } ، ألا وإن مِن أسبابِ النجاةِ ، التوبةُ والاستغفار ، والإنابةُ والانكسار ، قال تعالى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، ومِن أسبابِ النّجاةِ ، الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر ، قال تعالى : { فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ } ، ألا وإن الوصية مبذولة لكم ، بالإصلاح في أنفسكم ، وفي شؤون حياتكم ، قال تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } ، هذا وصلوا وسلموا على النذير البشير ، والسراج المنير ، محمد بن عبد الله ، فقد أمركم ربكم بذلك جل في علاه ، فقال سبحانه في قرآنٍ قرأناه : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا } ، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، وسلم تسليماً كثيراً ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، ودمر أعداء الدين ، اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ، ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وفجاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وجَمِيعِ سَخَطِك ، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً ، ومعيناً وظهيراً ، اللهم عليك بأعداء الملة والدين ، من اليهود والنصارى والعلمانيين المنافقين ، اللهم اجعل بأسهم بينهم ، وادر الدائرة عليهم ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم يا قوي يا عزيز ، اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين لما تحبه وترضاه ، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم وفقه وإخوانه ووزراءه وأمراءه لما فيه خير البلاد والعباد ، اللهم ارزقهم بطانة صالحة ناصحة راشدة ، تدلهم على الخير وتعينهم عليه، وتبعدهم عن الشر وتحذرهم منه ، يا رب العالمين ، اللهم أدخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، برحمتك يا عزيز يا غفار ، عباد الله لا تزال ألسنتكم رطبة من ذكر الله ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .


    الذنوب والكوارث
    يحيى بن موسى الزهراني

    avatar
    عبقور


    عدد المساهمات : 22
    نقاط : 19276
    تاريخ التسجيل : 21/02/2011

    الذنوب والكوارث  Empty الخطبة 2

    مُساهمة  عبقور الإثنين فبراير 21, 2011 7:27 am

    خطبة إلى تربية صحيحة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله، تفرّد عزًا وكمالاً ، واختص بهاءً وجمالاً وجلالاً ، وأسأله صلاح الشأن كله حالاً ومآلاً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدس وتعالى ، أمرنا بعبادته وطاعته غدوًا وآصالاً ، وحذرنا مغبة التفريط لهواً وإغفالاً ، ولعباً وآمالاً ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله ، أزكى الورى خصالاً ، وأسنى البرية خلالاً ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين تفيؤوا من المجد ظلالاً ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرًا جزيلاً . . . أمّا بعد :
    فاتقوا الله معاشر المسلمين ، وتمسكوا بحبل الله المتين ، وكتابه المبين ، وسنة نبيه الأمين ، فالتقوى زاد المؤمنين ، ولباس المحسنين ، ودأب المتوكلين ، قال رب العالمين : { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } ، فاتقوا الله أيها الأحباب ، واخشوا يوم الحساب ، فهناك الثواب والعقاب .
    عباد الله : جار يوجه ابن جاره توجيهاً وإرشاداً ، مواجهة استهتار واستكباراً ، فما تظنون ولي الأمر فعل ، أو ما عساه عمل ، أتظنونه جاء شاكراً امتناناً ، أم أتى إحساناً وعرفاناً ، كلا ، لا هذا ولا ذاك ، بل جمع أبناءه وجلس على عتبة باب جاره ينتظر خروجه ، لأخذ الثأر والانتقام ، دون استعلام أو استفهام ، حشد العصي والأخشاب ، وقد خسر من فعل ذلك وخاب ، ولولا رحمة الباري ، لسالت الدماء الزواكي ، وذرفت عيون البواكي ، ولكن الله سلم ، فاللهم سلم سلم ، إنه الجهل وضمور التفكير ، وسيء القصد والتدبير ، آباءٌ قساة ، ظلمة عصاة ، سوء في التربية ، وقصور في التعليم والتنشئة ، فتن وبلايا ، ومحن ورزايا ، منيت بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ليس لها من دون الله كاشفة .
    عباد الله : ألا وإن من آثار سوء التربية ، وتبعات انفلات القيادة الأبوية ، عبث بالطرقات ، وتدمير لكثير من المقدرات ، واعتداءات واضحة ، وجرائم فاضحة ، بصور مريعة ، وطرق فظيعة ، لعب بالسيارات ، سفه وتفحيط ، وتخريب وسوء تخطيط ، يقوده شباب غافلون أشقياء ، أدى إلى إزهاق أرواح كثير من الأبرياء ، انظروا إلى أعمدة الإنارة عبر الشوارع ، والحدائق في الأحياء ، وثالثة الأثافي ذلكم التمرد البواح ، والتعدي الوضاح ، الذي يفعله بعض شباب الأمة ، متبرئين من دينهم ، مقتفين أثر عدوهم ، لو دخلوا جحر ضب لدخلوه ، يتبعونهم حذو القذة بالقذة ، سلاسل وخواتم وقبعات ، ودخان ومفترات ، ومسكرات ومخدرات ، ألسنة بذيئة ، وأفعال محرمة جريئة ، فقولوا لي بربكم أي جرم هذا ، وأي إفساد في الأرض ذاك ؟ فأين المسؤولية والمسؤولين ، وأين التربية والمربين ، اللهم إنا نبرأ إليك مما آل إليه حال كثير من الآباء ، لا تربية ولا تعليم ، بل انفلات وتهييم ، أين الدين ومنهياته ، والشرع وتحذيراته ؟ فحسبنا الله الواحد الماجد ، على ما نرى ونشاهد ، ورحماك ربنا رحماك .
    إخوة العقيدة والدين : فشوا الجريمة ، وظهور الفاحشة ، واستخدام الأعيرة النارية ، والقتل والإصابات ، والتلاسنٌ والمضاربات ، والولوغ في الفواحش والمنكرات ، واقتراف الكبائر ، كل هذه الجرائم ، وتلكم العظائم ، والموج المتلاطم ، تجعل الغيور في بحرها هائم ، والعاقل تائه ، فأين الإسلام يا أمة الإسلام ، أين الإيمان يا أهل الإيمان ؟ هذا غيض من فيض ، مما تبثه وسائل الإعلام ، عن تغريب الإسلام ، وقتله في نفوس أبنائه ، أخبار تشيب لها رؤوس الولدان ، ويتفطر منها الجنان ، وتتهدم لها الأركان ، ويسقط من هولها الكيان ، أعمال هوجاء ، وأفعال غوغاء ، أسهمت في وجود منغصات للحياة ومثبطات ، تنتزع الأفراح ، وترسم الأتراح ؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
    أيها الأخوة في الله : إن قضية تربية الأبناء ، قضية مقلقة بصدق وجلاء ، فإن لم يقم كل ولي بالاضطلاع بمسؤولياته ، والقيام بمهماته ، وإلا فإن الأمة ستنجر إلى مستنقعات الرذيلة وإليه تساق ، وتبحر في أوحال المهالك والانزلاق ، وتهوي إلى منحدرات الأخلاق ، فالأمر يستدعي العرض والشرح ، بشيء من التوضيح والطرح ، عسانا أن نكون من المستمعين المجيبين ، والناجين المهتدين ، فموضوع تربية الناشئة ، هو لب الموضوعات ، وأساس المهمات ، إن لم تتكاتف الجهود وتتحالف ، ولأجله تتحد الآراء وتتآلف ، وإلا وصلنا إلى طرق مسدودة ، وأبواب موصودة ، فتعالوا بنا نحدد الداء ، لنصف الدواء ، لعلنا في هذا السِّياق ، نصل إلى حل ووفاق ، بالحجة والبيان ، والدليل والبرهان ، لعل الشاردين من قومنا يعودون ، والتائهين يقبلون .
    عباد الله : هناك آباء قتلة ، أولياء ظلمة ، لم يقتلوا أولادهم بإراقة دمائهم ، أو التقصير في توفير سبل العيش لهم ، بل على النقيض من ذلك ، وفروا لهم أسباب الحياة ، وأغدقوا عليهم الأموال ، وألبسوهم صنوف اللباس ، ووفروا لهم أنواع الشراب والطعام ، ولكنهم قتلوهم ، بقتل الحياء في قلوبهم ، واغتيال الغيرة في نفوسهم ، ورأس ذلك كله ، عندما وأدوا الدين في صدورهم ، وأزالوه من عقولهم ، وغربوا هواياتهم ، وانتزعوا شخصياتهم ، نعم عباد الله ، آباء قتلة ، آباء ظلمة ، تركوا الزمام ، وفقدوا الخطام ، امتلأت جفونهم نوماً ، وقلوبهم استقراراً ، وواعجباً لهم ، كيف يهنئون بالنوم والراحة ، وزوجاتهم خارج المنازل ، وأبناؤهم طالع ونازل ، وبناتهم مع السائق تارة ، وفي الأسواق أخرى ، والأبناء إلى منتصف الليالي يسهرون ، وإلى بزوغ الفجر يسمرون ، وإذا أذن المؤذن هاموا ، وعن الصلاة ناموا ، فأين المسؤولية يارعاكم الله ، أنشدكم الله أيها الأخوة في الله ، أهذه هي التربية الدينية ، والتنشئة النبوية ، أهكذا أمر الإسلام بأداء الأمانة ، أم أن هذا هو الغدر والخيانة ؟ ألم يقرأ أولئك الآباء ، قول عظيم الآلاء : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، ألم يسمعوا قول فاطر الأرض والسماء : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات ، واعملوا الصالحات ، وارعوا الأبناء والبنات ، لتنجوا من العقوبات والتبعات ، قال رب البريات : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } .
    أيها الآباء والأولياء : أنصحتم لأبنائكم وبناتكم ، أجهدتم في توجيه زوجاتكم ، أم زاغت أبصاركم ، وعميت قلوبكم ، وشغلتكم أعمالكم وأموالكم ، فإن لم تنصحوا وتجهدوا ، وتوجهوا وترشدوا ، فأنذركم هذا الحديث ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً ، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، ألا فاعلموا عباد الله أن ترك الأهل والأولاد يسرحون ويمرحون ، دون رقابة أو محاسبة ، لهو الغش برمته ، والظلم بحقيقته ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ ، أحَفِظَ ذَلِكَ أمْ ضَيَّعَهُ ، حَتَّى يُسَألَ الرَّجُلُ عَنْ أهْلِ بَيْتِهِ " [ رواه ابن حبان وحسنه الألباني في صحيح الجامع ] ، ألا ما أحوج الأمة اليوم إلى تربية سليمة ، وتنشئة صحيحة ، تستمد تعاليمها من كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، مستفيدة من حياة الصالح من سلف الأمة ، فاحذروا رحمكم الله ، أن تغشوا أو تخونوا ، بل أصلحوا وبينوا ، قبل ألا يكون خلاص ، بل عقاب ما عنه مناص ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
    رَّحِيمٌ } ، اللهم أصلح نياتنا وأولادنا ، وأزواجنا وذرياتنا ، واجعلنا للمتقين إماماً ، ووف لنا العطاء تماماً ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافّة المسلمين من كلّ ذنب ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنّه كان للأوّابين غفورًا .
    الحمدُ لله ، أوجدنا من العدَم ، وربَّانا بالنِّعم ، وجعل الوحيَ لنا نورًا نهتدي به في حالِكِ الظُلَمَ ، وأشهد أن لا إلهَ إلا وحده لا شريكَ له ، قد أفلح من بحبلِه اعتَصَم ، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ومن سارَ على نهجه الأقوَم . . . أمّا بعد :
    فيا أيها المسلمون : إنَّ مهمّةَ تربيةِ الأولاد مهمّةٌ عظيمة ، لاسيما في هذا الزّمنِ الذي تَلاطمَت فيه أمواجُ الفتن ، واشتدَّت فيه غربةُ الدين ، وكثُرت فيه دواعي الفساد ، فزاد سعارها ، واشتد أوارها ، حتى صار المربِّي مع أولاده ، كراعِي الغَنَم في أرضِ السّباع الضارية ، إن غفَل عنها أكلَتها الذئاب ، فيا عباد الله ، هل أدّى الأمانة من أيقظَ ابنَه للمدرسة ، وأهملَه في صلاة الفجر والعصر ؟ وهل رعى المسؤوليّةَ من جلب الفضائيّاتِ والمفسِدات لبيتِه ، في تناقضٍ صريح مع مقوّمات التربية التي تجاهِد المدرسةُ والمسجد في إرسائِها وبنائها ؟ ألا فاعلموا أن التربيةُ اليومَ لم تعد مقتصرةً على مقاعدِ الدراسة ، فمع التطوّر الهائل ، والتقدم المائل ، والانفتاحِ المذهِل ، لوسائل الإعلام والاتّصال ، أصبحنا في وقتٍ ينازعنا غيرُنا في تربية أجيالنا ، لاسيما إذا كان واقعُ هذه الوسائل والفضائيُّ منها خاصّة ، إثمُه أكبر من نفعه ، وجرمه أعظم من خيره ، وهدمُه للقِيَم والعقائد ظاهرٌ لكلِّ ناظر ، تبذَل الطاقاتُ والإمكانات ، وتصرَف الجهود والأموال للتربية والتعليم ، بينما الفضائياتُ تهدِم وتفسِد وتفتِك ، وكأنّها في حربٍ مع الدّين والقِيَم ، ليُستَنبَتَ جيلٌ في هذه المستنقعاتِ القذرة ، أفلا يستدعي ذلك وقفةً من أصحابِ القرار ، وحرّاس الفضيلة ، والمعنيِّين بالتربيةِ ، لأجل حمايةِ المجتمع المسلم ، ممن يشيع الفاحشة بين أفراده ، مما يؤذن بدق ناقوس الخطر ، وتفاقم الشرر ، ووجود الضرر ، ولا أدل على ذلكم ، هذا المضحك من القصات ، والمبكي من الرقصات ، والفاضح من الموضات ، التي شرب من كأسها المسف ، زخم كثير من الشباب والشابات ، والنساء الفاتنات ، ألا ترون التبرج السافر ، والبرقع الساحر ، واللبس الحاسر ، من أين أتى بهذه الخزعبلات أبناؤنا وبناتنا ؟ فويل لمن أتى بهذه التقليعات ، وويل لمن عملها واتبع هواها ، وقد قال الله تعالى متوعداً إياهم : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } .
    عباد الله : وبعد تشخيصِ الدّاء ، فإنّ وصفةَ الدواء ، للجنوح الشبابيّ الفكريّ ، والاجتماعيّ والأخلاقيّ ، تكون في ظلّ الدّعوة السلفيّة المعتدِلة ، والعِبء في ذلك يقع على عاتق العلماء والدّعاة ، ورجال التّربية والإعلام ، وحملةِ الفكر والأقلام ، وفي طليعة أولئكم يقع العبء الأكبر ، والثقل الأكثر ، على الآباء والأمهات ، لانتشال الجيل من شبح التفسّخ والضّياع ، وإبعادهم عن السقوط في سراديب الأفكار النتنة ، ولوثات العقل السخيفة ، وإحباطًا لخُطَط الخصوم الذين يسعون لتحقيق مآربهم المشبوهة ، عبر الأبناء والبنات ، وبالتّوجيه الرحيم الرفيق ، والتّرشيد اللطيف الرّقيق ، وتلاحُم أفرادِ الأسرة والمجتمع مع أبنائهم ، وفتح أبواب الحوار الهادئ الهادِف معهم ، وتهيئة الفُرَص الوظيفيّة لهم ، حمايةً مِن الفراغ القتال ، والوقت البطال ، وحفظاً لهم من البطالة ، ومع تعاونِ الجهات المسؤولة ، واضطلاع وسائلِ الإعلام والقنوات الفضائيّة والشبكات المعلوماتيّة بدورها التربويّ ، مع تظافر تلك الجهود جميعاً ، سنحصد بحول الله وقوته ، ما يصبوا إليه المجتمع من آمن واستقرارٍ ، ونماء وازدهار ، ووجود أولاد أبرار ، فاللهَ اللهَ في تحصين الجيل واحتضان النشء وحِراسة الشباب من المؤثِّرات العقديّة ، واللوثات الفكريّة ، والتجاوزات السلوكية ، الناتجة عن مشاهدة الهابط من الأفلام والمسلسلات ، والسيئ من البرامج والأغنيات ، ألا فاحذروا الفضائيات ، فهي أصل كل شر وبلية ، ومنبع كل مصيبة ورزية ، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين .
    عباد الله : علموا أبناءكم الحِفاظ على دينهم ، وصيانةِ عقيدتهم ، وسلامةِ أخلاقهم ، وتعميق مفاهيمَ الولاء لدينهم ، والتّلاحم مع ولاتِهم وعلمائِهم ، بكلّ منطِق وموضوعيّة ، ووضوحٍ وشفافيّة ، واحرصوا كل الحرص على إلحاقهم بحلقات تحفيظ الكتاب والسنة ، وتعليم العلم الشرعي النافع ، فبعون الله المنان ، سنصل بهم إلى بر الأمان ، ورسوخ الإيمان ، وحينئذ سيسعَد الشباب ويُسعِدون ، ويصلُحون ويصلِحون ، وهو من أعظم ما تتمنون ، هذا وصلوا وسلموا على رسول الهدى ، ومصباح الدجى ، محمد خير الورى ، فقد أمركم الله بذلك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، فقال قولاً كريماً : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } ، اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولك محمّد صاحبِ الحوض المورودِ ، واللّواء المعقود ، وأورِدنا حوضَه ، واحشرنا تحت لِوائه ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين ، الأربعة المهديين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أجمعين ، وعن سائر الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم ادفع عنا الغلا والوباء ، والزنا والربا ، وسوء الفتن والمحن ، ما ظهر منها وما بطن ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، اللهم ارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ب العالمين ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً ، ومعيناً وظهيراً ، اللهم عليك بأعدائك في كل مكان وزمان ، فإنهم لا يعجزونك ، اللهم ارفع عنهم يدك وعافيتك ، يا قوي يا عزيز ، اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ بك من النار ، يا عزيز يا غفار ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


    يحيى بن موسى الزهراني


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 2:51 am